بمشاركة 20 موظفًا من دوائر السياحة
جامعة نزوى تستضيف برنامج تدريبي وطني لاستكشاف المدافن وتوثيقها علميًا
انطلقت صباح يوم الأحد الموافق 5 أكتوبر 2025 فعاليات البرنامج التدريبي بعنوان: "استكشاف المدافن والتنقيب فيها وتوثيقها علميًا"، الذي ينظمه مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية، بالتعاون مع وزارة التراث والسياحة، وأكاديمية نزوى للتدريب والتطوير بجامعة نزوى، بمشاركة 20 موظفًا من مختلف دوائر السياحة في محافظات سلطنة عُمان، من العاملين في مجالات المسوحات والتنقيبات الأثرية وأقسام الآثار والمتاحف، إضافة إلى الباحثين في الشؤون التاريخية والسياحية.
وأقيم البرنامج في الفترة من 5 حتى 9 أكتوبر الجاري في جامعة نزوى، وقدمه الأستاذ الدكتور نائل حنون، أستاذ التاريخ والباحث بمركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية. ويهدف إلى تزويد المشاركين بالمعارف والمهارات الأساسية المتعلقة باستكشاف المدافن الأثرية وطرق التنقيب والتوثيق الحقلي، بما ينسجم مع المعايير الأثرية المعتمدة عالميًا. وركّز على تعزيز قدرات المشاركين في رسم الخرائط الأثرية، وتوثيق المكتشفات، والتعامل مع الهياكل العظمية واللقى الأثرية، إلى جانب التعريف بالمنهجيات الحديثة في البحث الميداني.
ورحّب الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن يحيى الكندي، نائب رئيس جامعة نزوى للشؤون الأكاديمية، راعي افتتاح البرنامج، بالمشاركين، مؤكدًا أهمية البرنامج وما يمثله من فرصة لتعزيز قدرات الكوادر الوطنية في مجال المسوحات والتنقيبات الأثرية.
وأشار في كلمته إلى دور جامعة نزوى وحرصها على دعم هذا النوع من البرامج التي تسهم في تنمية قدرات الكوادر الوطنية، مؤكدًا تميّز الشراكات المتميزة التي تجمع الجامعة بالمؤسسات الحكومية والخاصة، ومن ضمنها وزارة التراث والسياحة، التي أثمرت إقامة مجموعة من الفعاليات والبرامج والندوات المشتركة. وأوضح أن هذا يأتي انطلاقًا من اهتمام الجامعة بدعم إقامة مثل هذه التظاهرات النوعية.
وتطرّق الدكتور الكندي إلى الأهداف والرؤى والخطط التي انطلقت منها جامعة نزوى منذ تأسيسها عام 2004، التي وضعت بناء الإنسان وتنمية قدراته في مقدمة أولوياتها، من طريق الاستثمار المادي والبشري، وتوفير البيئة الجامعية المناسبة، إلى جانب تعزيز الجوانب البحثية والعلمية التي ترتقي بقدرات الطالب ومهاراته، موضحا أن الجامعة تعمل على دعم الطلبة من خلال صندوق معين الذي أوجدته الجامعة لمساعدة الطَلبة والأخذ بهم لإكمال دراستهم الجامعية.
من جانبه، أكد الدكتور علي المحروقي، مدير دائرة المسوحات والتنقيبات الأثرية بوزارة التراث والسياحة، أن الوزارة أولَت اهتمامًا كبيرًا بتأهيل كوادرها الوطنية في مجال التنقيب والتوثيق الأثري، إيمانًا منها بأن الكادر البشري هو الركيزة الأساسية لحماية التراث المعرفي وصونه.
وقال: "في السنوات الأخيرة، نفّذت الوزارة بالتعاون مع البعثات الأثرية المحلية والدولية، العديد من المشاريع التنقيبية التي شملت 33 بعثة من 12 دولة، وأوفِد عدد من موظفي الوزارة لاستكمال دراساتهم العليا، وتنظيم برامج تدريبية داخلية وخارجية. واختِير المشاركون في هذه الدورة من بين الكوادر الوطنية التي سبق لها أن شاركت في أعمال التنقيبات؛ لتعزيز خبراتهم ومواصلة مهامهم الميدانية".
وأشار إلى أن هذا البرنامج يأتي ضمن سلسلة البرامج التدريبية التي تنفذها الوزارة لتطوير فرقها العاملة في التنقيبات والمسوحات الأثرية، التي تشمل جميع الإدارات والأقسام من مختلف محافظات سلطنة عُمان. وأشار إلى تنفيذ أكثر من 25 حفيرة تنقيبية في العقود الماضية.
وأضاف: "تتميّز هذه الدورة بطرح محاور علمية مهمة تتناول المدافن وطرق التنقيب فيها وأساليب توثيقها، وحفظ المقتنيات الأثرية، وإعداد التقارير والدراسات العلمية. وتبرز أهمية هذا الموروث الثقافي، إذ تشكّل المدافن ما يزيد على 90% من المواقع الأثرية في سلطنة عُمان".
وتتوزع محاور الورشة التدريبية على جلسات صباحية في مقر الجامعة ببركة الموز، تتضمن عرض موضوعات رئيسة، من أبرزها: مقدمة عن طرق الدفن وأهمية المدافن في علم الآثار والمعتقدات القديمة، تحديد مواضع الدفن ورسم الخرائط الكنتورية، إعداد المخططات الميدانية، آليات فتح القبور، التوثيق الحقلي، استجلاء البقايا والمحتويات، الكشف عن الهياكل العظمية ومعالجتها موضعيًا، وتصويرها ورسمها هندسيًا، إلى جانب دراسة تكوين المدافن واللقى الأثرية وفق الأسس العلمية.
وشمل البرنامج لقاءً معرفيًا في مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي في اليوم الأول؛ للاطلاع على مكتبة المركز وما تحتويه من مصادر علمية تدعم العمل البحثي والأثري. واختُتِم البرنامج بتوزيع شهادات المشاركة على المتدربين، بعد سلسلة من التطبيقات العملية والمناقشات العلمية التي تتيح تبادل الخبرات بين المشاركين والمدرّب.
يأتي تنظيم هذا البرنامج في إطار الجهود المشتركة بين جامعة نزوى ووزارة التراث والسياحة؛ لتعزيز الكفاءات الوطنية المتخصصة في العمل الأثري والتوثيق العلمي للمدافن والمكتشفات التاريخية، بما يسهم في الحفاظ على الموروث الحضاري العُماني وتطوير البحث العلمي في هذا المجال.
وفي تصريح له، أكّد الدكتور نائل حنون أهمية هذا البرنامج في تطوير القدرات الوطنية العاملة في مجالات استكشاف المدافن والتنقيب الأثري والتوثيق العلمي، سواء من موظفي وزارة التراث والسياحة أم المتاحف أم الأكاديميين والباحثين. وقال: "إن سلطنة عُمان غنية بالموروث التاريخي، وتمتلك بيئة خاصة تضم العديد من المدن والمدافن القديمة التي لا تزال بحاجة إلى المزيد من البحث والتنقيب؛ لما تحويه من شواهد على الحضارات والتاريخ العريق لعُمان".
وأضاف: "البرنامج التدريبي سيركّز على الجانبين النظري والتطبيقي؛ بهدف إكساب المشاركين معرفة عملية شاملة بهذا النوع من المهام المتخصصة، التي تتطلب دقة عالية وخبرة علمية متكاملة".
كما أشاد الدكتور حنون بالدور الذي تضطلع به أكاديمية نزوى للتدريب والتطوير، واهتمام وزارة التراث والسياحة بتنظيم مثل هذه الدورات النوعية، معربًا عن أمله في استمرار هذه المبادرات وتوسّعها لتشمل مجالات تدريبية أخرى في المرحلة المقبلة.