تعزيز المكتبة الإلكترونية بأدوات الذكاء الاصطناعي: نحو تمكين بحث علمي مسؤول

السنة 20 العدد 192
2025/09/10

تعزيز المكتبة الإلكترونية بأدوات الذكاء الاصطناعي: نحو تمكين بحث علمي مسؤول

 

محمد بن عبدالله الحسيني

 

يشهد العالم اليوم ثورة معرفية غير مسبوقة تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد امتد أثر هذه الثورة ليشمل جميع قطاعات التعليم والبحث العلمي. وتواكب المكتبات تحولا جذريا مع دمج الذكاء الاصطناعي في خدماتها الإلكترونية. ومن أبرز المنصات التي تبنت هذا التحول قواعد البيانات العالمية مثل Proquest و Ebsco التي تشترك فيها مكتبة جامعة نزوى بواسطة المكتبة الافتراضية العمانية (مصادر).

وفي هذه الخدمات جرى ربط الذكاء الاصطناعي بمحتوى المكتبة الإلكترونية من مقالات أكاديمية محكمة وموثوقة، وبهذا يستعين الطالب/الباحث بالذكاء الاصطناعي في كفاءة الوصول إلى المعلومات وعمق الاستفادة من البحوث ونتائجها في تعزيز مسيرة التعلم والبحث. ويتمكن الطالب عبر المكتبة الإلكترونية من الحصول على توجيهات واقتراحات ومراجعات وتحليل للمقالات العلمية، وليس مجرد إجابات مولدة لأسئلة البحث.

فعلى سبيل المثال عند عرض مقال مستخرج من خدمة بروكويست Proquest فإن الذكاء الاصطناعي في هذه الخدمة يتيح للباحث مراجعة المقال وتحليله، وتوفير أهم النقاط المستفادة من المقال، بالإضافة إلى توفير المفاهيم المهمة منه، إلى جانب توصيات واقتراحات ذات صلة تشجّع الباحث/الطالب على البحث المنطقي.

وفي إطار معايير EBSCO، يُعزّز التكامل بين الذكاء الاصطناعي والمحتوى العلمي تجربة الطالب والباحث على حد سواء، إذ لا يكتفي هذا التكامل بكسر حواجز اللغة فحسب، بل يتيح للطالب فهم مضمون المقال، سواء كُتب بالإنجليزية أم الصينية أم الفارسية أم غيرها، ويقدّم نبذة موجزة بِلغة يختارها حسب لغة واجهة المستخدم، مثل: العربية أو الإنجليزية. ويمنح أيضًا هذا التكامل رؤية أكاديمية واضحة للمقال، تقوّي فهم الباحث أو الطالب لمضمونه. وعلاوة على ذلك، يُقدّم توصيات لأبحاث مشابهة؛ مما يسهم في توسيع مدارك الباحث واستكشاف أعمال علمية مرتبطة.

هذا التكامل بين أدوات الذكاء الاصطناعي والمحتوى العملي للمكتبة الإلكترونية لا تقتصر فوائده على تسهيل البحث، بل يُعد مدخلًا لتعليم الطلبة كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية، إذ تعمل هذه المنصات ضمن معايير أكاديمية واضحة، وتوجه المستخدمين نحو مصادر علمية موثوقة، بعيدًا عن المحتوى غير الموثوق أو غير المراجَع.

وفي ظل الانتشار المتسارع لِأدوات الذكاء الاصطناعي وتنوع استخداماتها، يبرز دور المكتبات ومراكز المعلومات في توعية الطلبة والباحثين بأساليب الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه الأدوات، عبر ورش تدريبية ودورات مهنية، إذ تضمن توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة لا بديلاً، ومُعززة لدور العقل البشري في التفكير والبحث لا مقلَلةً منه.

إرسال تعليق عن هذه المقالة