السنة 20 العدد 191
2025/08/12

 

دراسة علمية تكشف فرص زراعة القمح في ظل تغير المناخ

فريق بحثي من جامعة نزوى يستخدم خوارزمية التعلم الآلي لرسم خريطة زمنية لملاءمة الأراضي لزراعة القمح حتى عام 2080



الدكتور خليفة الكندي: المناطق شديدة الملاءمة لزراعة القمح لا تتجاوز 4% وهناك حاجة إلى مضاعفة الاستثمار في رقعتها المحدودة

نتائج MaxEnt توفر أداة تنبؤية دقيقة لصنع القرار الزراعي ومواجهة التقلبات المناخية في المرحلة القادمة
لا يمكن تحقيق زراعة مستدامة دون إشراك المزارعين وتدريبهم على استخدام البيانات العلمية

علي اللواتي: الدراسة توصي بدمج النماذج التنبؤية في خطط التخطيط الزراعي لتحديد المناطق المثلى للزراعة




 في إطار الجهود البحثية الرامية إلى فهم تداعيات تغير المناخ على الأمن الغذائي أجرى فريق بحثي من جامعة نزوى دراسة علمية متقدمة عن تأثير تغير المناخ على إنتاج القمح في سلطنة عمان، مستخدمين خوارزمية MaxEnt وتقنيات تعلم الآلة لتحليل ملاءمة الأراضي الزراعية في فترات زمنية مختلفة تمتد حتى عام 2080. 

وتهدف الدراسة إلى توفير قاعدة بيانات علمية دقيقة تسهم في دعم الخطط الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي، واستشراف التغيرات البيئية المحتملة التي قد تؤثر في استدامة زراعة المحاصيل الاستراتيجية، لاسيما القمح، في بيئة مناخية تتسم بالتقلب والندرة المائية.

وقد أظهرت النتائج العديد من المؤشرات المهمة التي يمكن أن تُسهم في صياغة السياسات الزراعية وتعزيز مفهوم الزراعة الذكية والمستدامة في السلطنة. 

وفي هذا الإطار قال الدكتور خليفة بن محمد بن ساعد الكندي، أستاذ مساعد في كرسي جامعة نزوى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وهو أحد الباحثين البارزين المشاركين في دراسة تأثير تغير المناخ في إنتاج القمح في سلطنة عمان، إن دراسة علمية في جديدة في جامعة نزوى كشفت عن تأثيرات تغير المناخ في إنتاج القمح في سلطنة عُمان، مركّزة على تحديد المناطق المثلى لزراعته في فترات زمنية مختلفة باستخدام خوارزمية MaxEnt؛ إذ أظهرت نتائج الدراسة، ومن طريق التحليل الزمني لمناطق ملاءمة زراعة القمح، أن المناطق ذات الملاءمة العالية جداً ظلت محدودة للغاية طوال الفترات الزمنية الممتدة بين 1970 و2080، إذ لم تتجاوز نسبتها 3 إلى 4% من إجمالي مساحة السلطنة، أي ما يعادل نحو 9,285 إلى 12,380 كيلومتر مربع فقط. وعلى الرغم من التحسن الطفيف في المساحة المصنفة كونها عالية جداً، إلا أن هذه المناطق بقيت نادرة؛ مما يؤكد ضرورة تركيز الجهود الزراعية والتقنيات الحديثة لتعظيم الاستفادة من هذه الرقعة المحدودة وضمان الاستدامة الإنتاجية فيها.

أما عن المناطق المصنفة بملاءمة عالية فأضاف الدكتور خليفة الكندي أن هذه المناطق حافظت على استقرار ملحوظ في مختلف الفترات، لتغطي حوالي 8% من إجمالي مساحة الأراضي (حوالي 24,760 كيلومتر مربع). إذ يشير هذا الثبات إلى وجود قاعدة بيئية مناسبة يمكن البناء عليها في تطوير الإنتاج الزراعي، شريطة تطبيق إدارة رشيدة للموارد المائية والتربة لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في هذه المناطق. 

وفي المقابل، شهدت المناطق متوسطة الملاءمة تذبذباً ملحوظاً في الفترة المدروسة، إذ سجلت ارتفاعاً مؤقتاً في منتصف القرن ثم عاودت الانخفاض بنهاية الفترة. ويعكس ذلك هشاشة هذه المناطق أمام التغيرات المناخية، ويدعو إلى ضرورة تبنّي استراتيجيات زراعية مرنة تعتمد على استحداث أصناف قمح مقاومة للجفاف واستخدام تقنيات الزراعة الذكية للتكيّف مع الظروف المتغيرة.

 أما المناطق منخفضة الملاءمة فقد ظلت مسيطرة على المساحة الأكبر من الأراضي الزراعية بنسبة تتراوح بين 40% و43% طوال الفترات الزمنية المدروسة، ويدل استمرار هذه النسبة العالية على محدودية القطاعات الزراعية الفعّالة للقمح ووجوب الاستثمار في تحسين الخصائص البيئية والتقنيات الزراعية من أجل تعزيز الإنتاج في هذه المناطق ذات الإمكانيات المحدودة. وعلى ضوء هذه النتائج، يتبين أن المساحة الفعّالة لإنتاج القمح في السلطنة تظل محدودة نسبياً مقارنة بالطلب الوطني، مما يستوجب إعطاء الأولوية لاستثمار المناطق الأكثر ملاءمة وتكثيف الجهود البحثية والتقنية لمواكبة تحديات التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي المستدام في سلطنة عمان.

وفيما يتعلق بكيفية إسهام خوارزمية MaxEnt وتقنيات تعلم الآلة في دعم خطط الأمن الغذائي في ظل التحديات المناخية المتوقعة، أوضح الدكتور الكندي أن هذه الأدوات المتقدمة تتيح تعزيز قدرة قطاع الزراعة على مواجهة التحديات المناخية المتزايدة واستدامة الأمن الغذائي، إذ تتجلى أهميتها من محاور وظيفية وعملية عدة تدعم التخطيط الاستراتيجي والإنتاج الزراعي. فمن ناحية، تقوم خوارزمية MaxEnt على تحليل العوامل البيئية الرئيسة، مثل: درجات الحرارة، الأمطار ونوعية التربة بهدف تحديد المناطق الأكثر ملاءمة لزراعة المحاصيل، ما يمكّن المخططين من توجيه الاستثمارات والموارد الزراعية إلى المناطق ذات الإنتاجية المرتفعة والمستدامة، ويسهم في رفع الكفاءة الزراعية في مواجهة التقلبات المناخية. ومن ناحية أخرى، تُسهم تقنيات تعلم الآلة في رصد وتحليل سيناريوهات التغيرات المناخية المستقبلية وتأثيراتها في المحاصيل الزراعية، وعبر بناء نماذج محاكاة دقيقة، يمكن استنباط الحلول الفعالة للتكيف مثل تطوير أصناف جديدة مقاومة للجفاف أو الحرارة، وتحسين أنظمة الري الذكية بما يتلاءم مع التوقعات المناخية. كما تتيح خوارزمية MaxEnt وأدوات تعلم الآلة إنتاج بيانات دقيقة وحلول مبنية على معطيات واقعية؛ مما يعزز جودة قرارات صناع السياسات الزراعية، إذ يمكن للمخططين توقع توزيع المخاطر وتحديد الأولويات في استغلال الموارد، مما يساعد على تطوير خطط استباقية لضمان الأمن الغذائي في الفترات الحرجة. ومن جانب آخر، تمكّن الخوارزميات الحديثة من الاعتماد على كميات ضخمة من بيانات الاستشعار عن بعد وتحليلها باستمرار؛ وذلك لتحسين أداء النماذج والتنبؤات الزراعية، وتسهم هذه التقنيات في ابتكار حلول مثل الزراعة الدقيقة والمراقبة الميدانية المستمرة، مما يرفع من كفاءة الموارد ويقلل من الهدر.

وتوفر النماذج المعتمدة على MaxEnt وتعلم الآلة مرونة أكبر للنظم الزراعية لمواجهة تأثيرات الظروف المناخية غير المتوقعة، إذ تساعد هذه الأدوات في اختبار مدى فعالية السياسات والتقنيات الزراعية قبل تطبيقها الفعلي، مما يقلل من المخاطر ويعزز استدامة الأمن الغذائي على المدى الطويل.

وفيما يتعلق بمستوى دقة النموذج، أوضح الدكتور الكندي أن تحقيق نموذج MaxEnt  لقيم AUC تتجاوز 0.8 يعكس مستوى عالياً من الدقة والموثوقية في تصنيف المناطق الملائمة وغير الملائمة لزراعة القمح في الفترات الزمنية المختلفة، وهو ما يعزز قدرة النموذج على تقديم توقعات مستقبلية قوية تدعم عمليات التخطيط الزراعي وتعزيز استراتيجيات الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية. ورغم هذه الدقة المرتفعة، فإن مدى موثوقية التوقعات المستقبلية يظل مرتبطاً بجودة البيانات البيئية والمناخية المستخدمة، وبمدى واقعية السيناريوهات المفترضة في النمذجة؛ مما يتطلب الحرص على تحديث هذه البيانات باستمرار لمواكبة التغيرات الفعلية في البيئة المحلية.

ومع ذلك، فإن تطبيق نتائج النموذج على أرض الواقع يواجه عدداً من التحديات الجوهرية، من أبرزها عدم اليقين الملازم لتنبؤات السيناريوهات المناخية طويلة الأمد، إذ تؤثر التداخلات المعقدة للعوامل البيئية وتغير استخدامات الأراضي بشكل كبير في موثوقية التوقعات. علاوة على ذلك، قد تؤدي محدودية البيانات المحلية الدقيقة، مثل خصائص التربة وتوزع المياه الجوفية، إلى حدوث فجوة بين النتائج النظرية والتطبيق العملي، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في البنية التحتية البحثية والتقنية. كما تلعب الظروف المفاجئة، سواء كانت مناخية متطرفة أم ناتجة عن تغيرات في السياسات أو توافر الموارد، دوراً في إعادة تشكيل الواقع الزراعي بشكل أسرع من قدرة النماذج على التنبؤ بذلك، وهو ما يستدعي المرونة في التكيف وسياسات المتابعة المستمرة.

وبناءً على ما سبق، يمكن القول إن توقعات نموذج MaxEnt تُعد أداة فعّالة لدعم التخطيط الزراعي الاستراتيجي؛ لكنها تتطلب تكاملها مع الرصد الميداني المستمر وتحديث النماذج بشكل دوري لتحقيق أعلى استفادة عملية، وضمان مواكبة التغيرات السريعة ضمن خطط الأمن الغذائي المستدام في سلطنة عمان.

وحول انعكاسات الدراسة على خطط الحكومة أو الجهات الزراعية في تعزيز مفهوم الزراعة المستدامة، أوضح الدكتور الكندي أن نتائج هذه الدراسة عن التحليل الزمني لمناطق ملاءمة زراعة القمح في سلطنة عمان تُعد ركيزة أساسا تدعم التوجّه الوطني نحو الزراعة المستدامة، إذ وفرت بيانات علمية دقيقة عن المناطق المثلى للزراعة واحتمالات تغيّرها بفعل المناخ، ما انعكس بشكل مباشر على رسم السياسات الزراعية في السلطنة. فقد أضحت مثل هذه الدراسات عنصراً مركزياً في بناء الاستراتيجيات التطويرية للقطاع الزراعي، إذ عززت قدرة الجهات المختصة على توجيه الاستثمارات نحو المناطق الزراعية الأكثر جدوى، وتحسين التخطيط المستقبلي للمحاصيل الاستراتيجية، والاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية، مع الارتقاء بكفاءة إدارة المياه والتربة استناداً إلى مستجدات البيئة المناخية. وانطلاقاً من هذه الأسس العلمية، أطلقت الحكومة العمانية والجهات الزراعية عدداً من المبادرات الفعلية الداعمة للزراعة المستدامة، من بينها الاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة التي تركز على رفع كفاءة الإنتاج واستدامة الموارد، مع إيلاء اهتمام بالغ لإدارة المياه وحماية التنوع الزراعي. كذلك وضعت خططاً لدعم إنتاج القمح المحلي من طريق توفير البذور المحسنة والدعمين المالي والفني للمزارعين، بالإضافة إلى تعزيز تسويق الإنتاج بالتعاون مع القطاع الخاص.

وتتجسد الجهود كذلك في تبني مشاريع المدن الزراعية وتطبيق تقنيات الزراعة الذكية مثل الزراعة المائية وأنظمة الري الذكي، فضلاً عن اعتماد ممارسات الزراعة الذكية مناخياً، من طريق تنويع المحاصيل وتطوير الأصناف المقاومة للجفاف وجدولة مواعيد الزراعة حسب توقعات التغير المناخي. إضافة إلى ذلك، تعتمد الجهات المختصة على نتائج الأبحاث العلمية في رسم السياسات الوطنية، كما هو واضح في استراتيجية التكيّف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية للفترة 2020–2040، الهادفة إلى تقليل المخاطر المناخية وتعزيز استدامة الإنتاج الزراعي بتطبيق خطط عملية واقعية. 

وخلاصة القول، تؤكد هذه الدراسة الدور الحيوي للمعطيات العلمية ونماذج التنبؤ البيئي في توجيه السياسات والاستراتيجيات الحكومية الرامية إلى تحقيق الزراعة المستدامة في سلطنة عمان، مع ترجمتها في صورة استجابات عملية ومشاريع نوعية تعكس مدى التفاعل المؤسسي مع التحديات المناخية واستغلال الفرص المتاحة في المناطق الأكثر ملاءمة؛ مما يعزز فعالية رسم خطط الأمن الغذائي وتطوير إدارة الموارد الطبيعية على المدى البعيد.

وفيما يتعلق بدور المزارعين المحليين، شدد الدكتور الكندي على أنهم يلعبون دوراً محورياً في تحقيق أهداف الزراعة المستدامة في سلطنة عمان، فهم الرابط الأساس بين التوصيات العلمية ونماذج التنبؤ والتطبيق العملي على أرض الواقع.

وأكد أنه لا يمكن لأي خطة وطنية أن تحقق النجاح المنشود دون مشاركة فعّالة من المزارعين الذين يمتلكون الخبرة المباشرة بالأراضي وظروف الزراعة المحلية. إلا أن تعزيز هذا الدور يتطلب تزويدهم بالمعرفة الحديثة وتدريبهم على استخدام النتائج والدراسات العلمية، مثل تلك الناتجة عن نماذج MaxEnt، في عملية اتخاذ القرار واختيار المواقع الأمثل لزراعة القمح. وتسعى الجهات المختصة إلى إشراك المزارعين بشكل أكبر من طريق سلسلة من الخطوات العملية، تبدأ بتنظيم الدورات التدريبية وورش العمل التي تبسط مفاهيم خرائط الملاءمة المكانية وتوضح أهمية العوامل البيئية في نجاح الزراعة.

كما بات من المهم تطوير منصات إلكترونية وتطبيقات ذكية تتيح للمزارعين الاطلاع بسهولة على بيانات ومؤشرات ملاءمة الأراضي، حتى يتمكنوا من التخطيط بشكل علمي وفعّال. كذلك، تبرز أهمية وجود مرشدين زراعيين في الميدان يقدمون الاستشارات المباشرة ويساعدون في تطبيق النتائج البحثية على أرض الواقع.

ولا يقتصر الأمر على التدريب والتأهيل، بل يُعد إشراك المزارعين في المشاريع التجريبية خطوة أساسية لترسيخ ثقتهم في الجدوى العملية للبيانات العلمية ولتبادل الخبرات فيما بينهم. كما تقدم الحكومة الدعم الفني والمادي للمزارعين الملتزمين بالتوصيات العلمية، مما يحفّزهم على تبني أحدث الممارسات الزراعية. ويُضاف إلى ذلك أهمية إشراك صوت المزارعين في صناعة القرار من طريق المشاورات الدورية، كي يشعروا بأنهم شركاء حقيقيون في رسم مستقبل الأمن الغذائي للبلاد. وفي المحصلة، إن تمكين المزارعين من استخدام البيانات والمستجدات العلمية في اختيار مواقع زراعة القمح يعزز من إنتاجية القطاع الزراعي واستدامته، ويجعل من التعاون بين الخبرة الفعلية والمعرفة البحثية ركيزة أساسا لمواجهة تحديات التغير المناخي وتحقيق الاكتفاء الذاتي على المدى الطويل.

وفي ختام تصريحه، أكد الدكتور خليفة بن محمد بن ساعد الكندي، أستاذ مساعد في كرسي جامعة نزوى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أن هذه الدراسة تلعب دوراً محورياً في مساعدة سلطنة عمان على رسم خارطة طريق واضحة نحو تحقيق الأمن الغذائي في ظل التحديات البيئية والمناخية المتسارعة، فمن تحليل علمي دقيق لمناطق ملاءمة زراعة القمح، أصبحت الجهات المختصة تملك بيانات حديثة وموضوعية تساعدها على تحديد الأراضي الأكثر كفاءة للإنتاج الزراعي، مما يوجه الاستثمارات والجهود نحو المناطق ذات العائد الأعلى، ويقلل من المخاطرة والهدر في الموارد الشحيحة بطبيعة البيئة العمانية.

وتكمن أهمية الدراسة في أنها لم تكتفِ بتشخيص الوضع الحالي، بل قدمت توقعات مستقبلية تأخذ في الاعتبار سيناريوهات التغير المناخي حتى نهاية القرن، مما يسمح بوضع خطط وتدابير استباقية للتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، تغير معدلات الأمطار، أو ندرة الموارد. وقد انعكس ذلك بشكل عملي على قدرة صناع القرار في تطوير استراتيجيات تدعم استدامة القطاع الزراعي، عبر تعزيز الابتكار، وتبني الأنظمة الذكية في الري وإدارة التربة، وتشجيع تطوير أصناف قمح مقاومة للجفاف والظروف القاسية.

كما أسهمت نتائج الدراسة في رفد السياسات الوطنية للمياه والزراعة، ودعم مبادرات مثل الاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة، وشجعت على دمج العلم الحديث في برامج التدريب والإرشاد للمزارعين المحليين. هذا التكامل بين التخطيط العلمي والمجتمعي يرفع من جاهزية المجتمع الزراعي لمواجهة المفاجآت المناخية ويزيد من مرونته، بما يضمن استقرار الإمداد الغذائي للبلاد ويقلل من الاعتماد على الخارج في فترات الأزمات. وباختصار، فإن هذه الدراسة تمثل ركيزة علمية ضرورية لتوجيه السياسات والابتكارات في الزراعة العمانية، وهي ترجمة عملية لإرادة السلطنة في بناء منظومة أمن غذائي أكثر قوة ومرونة، مهما بلغت حدة التحديات المناخية المقبلة.

من جانبه قال الدكتور علي اللواتي، أستاذ مساعد علم الوراثة النباتية في مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية في جامعة نزوى وأحد المشاركين في مشروع الدراسة: "تهدف هذه الدراسة إلى متابعة تأثير التغير المناخي في إنتاج القمح في سلطنة عمان من طريق تحديد المناطق الأنسب للزراعة عبر أربع فترات زمنية مختلفة تشمل: الفترة المرجعية (1970–2020)، والفترات المستقبلية 2021–2040 و  2041–2060 و 2061 ـ 2080".

وأضاف: "أظهرت نتائج الدراسة دقة تنبؤية عالية لنموذج MaxEnt، إذ سجل متوسط أداء النموذج AUC حوالي 0.82 في الفترة المرجعية، وانخفضا بشكل طفيف إلى 0.81 للفترة 2021–2040، قبل أن يرتفع مجددًا إلى 0.82 و0.83 للفترتين اللاحقتين، على التتابع؛ مما يدل على موثوقية التنبؤات المستخلصة. كما أشارت النتائج إلى أن العوامل البيئية التي تؤثر في زراعة القمح تشمل درجات الحرارة الموسمية وتغير درجات الحرارة في فصل الشتاء، وطول فترة هطول الأمطار. من بين الشروط البيئية المثلى للزراعة: تجاوز التغير الحراري الموسمي لـ 300، وارتفاع درجات الحرارة الشتوية إلى أكثر من 17–18 درجة مئوية، وهطول أمطار يتجاوز 100 ملم في أبرد فصل، و75 ملم في أكثر الشهور مطرًا. في المقابل، فإن طول فترة هطول الأمطار قد يكون له تأثير سلبي في الإنتاج؛ نظرًا لاعتماد الأصناف المحلية على الري، وهو ما قد يعرض المحصول للفقد.

وقال الدكتور علي اللواتي، أستاذ مساعد علم الوراثة النباتية مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية في جامعة نزوى: "إن الدراسة أوصت بدمج النماذج التنبؤية في خطط التخطيط الزراعي لتحديد المناطق المثلى للزراعة، وتحقيق الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية. كما تدعو إلى دراسة خصائص التربة، وتوظيف مصادر بيانات خارجية والتوقعات المناخية بعيدة المدى؛ بهدف بناء إطار زراعي مرن وقادر على التكيف مع تغير المناخ".



إرسال تعليق عن هذه المقالة