من الشغف تولد الحكايات.... ومن الإصرار تصنع الإنجازات
حررته: خلود بنت خالد الراشدية
رحلة فنية بدأت بخطوات بسيطة وشغف داخلي، تحولت مع الوقت إلى مسار مليء بالنجاحات والتجارب الملهمة. بين البحث عن الذات، وتحديات الدراسة، وملامح الإبداع، نجد قصة فنانة شابة آمنت بموهبتها، وطورتها، لتصنع لنفسها هوية فنية خاصة. في هذه الصفحات، نعرض رحلة ملهمة تلهم كل من يسعى لتحويل موهبته إلى إنجاز حقيقي.
حدثينا عن رحلة البحث عن الذات والشغف الفني؟
أنا سعاد بنت سالم البلوشية، فنانة تشكيلية وطالبة في جامعة نزوى، أدرس حاليًا في برنامج التأهيل التربوي. سافرت بين مؤسسات تعليمية عدة بحثًا عن ذاتي وتحقيق حلمي الفني. بدأت رحلتي التعليمية في جامعة الشرقية تخصص إدارة الأعمال، لكنه لم يكن ملائمًا لميولي، لذا قررت تغييره.
التحقت بعدها بكلية الزهراء ودرست تخصص التصميم الجرافيكي مدة خمس سنوات، وتميزت بشكل خاص في مرحلة الدبلوم، إذ كان التركيز على العمل اليدوي والرسم وتصميم العلب، وهذا ما كان يعكس شغفي الحقيقي. لكن في مرحلة البكالوريوس، شعرت بالصدمة لأن التخصص أصبح يعتمد على الأجهزة الإلكترونية، ولم أجد نفسي فيه. رغم ذلك، أكملت البكالوريوس بمعدل جيد جدًا.
بعد التخرج، قررت تحويل مساري إلى تخصص الفنون الجميلة في الكلية العلمية للتصميم، إذ بدأت أجد نفسي فعلاً، رغم صعوبة المواد النظرية التي كانت تُدرّس باللغة الإنجليزية. لكنني لم أيأس، وثابرت حتى أنجزت بفضل الله. في هذه المرحلة وحصلت على معدل جيد جداً، كنت طالبة مجتهدة والجميع شهد لي بذلك، إذ انغمست بكليّتي في أحلامي واكتشفت من أكون وماذا أريد.
تحدثي إلينا عن البدايات واكتشاف الموهبة الحقيقية؟
بدأت رحلتي مع الفن في الصف العاشر. كنت حينها شخصية اتكالية، أعتمد على ورق الشفاف نسخ الرسومات، وكانت ابنة اخي – وهي في نفس عمري – تساعدني في التلوين. أما أخي الأكبر، فكان يقوم بالأعمال الفنية المطلوبة لمادة الفنون بدلًا عني، فقط لأحصل على الثناء من المعلمة.
شاركت لأول مرة في مسابقة – لا أذكر اسمها – مع زميلة لي، فقط بدافع التجربة والفوز بجائزة. لم يكن الأمر آنذاك بدافع الشغف أو الطموح الفني. لكن في المرحلة الثانوية، وتحديدًا في مدرسة حواء بنت يزيد، اكتشفتني معلمة لاحظت موهبتي في الرسم بالرصاص. شجعتني كثيرًا رغم خوفي وترددي في كل خطوة.
في هذه المرحلة، تخلى عني من كانوا يساعدوني في التلوين، فاضطررت للاعتماد على نفسي، وبدأت أطور مهاراتي أكثر بدعم المعلمة وتشجيعها. بعدها شاركت في مسابقة نظمتها شركة صحار للألمنيوم وفزت بالمركز الأول، وكانت هذه لحظة فارقة بالنسبة لي، إذ بدأت أحلم أن أصبح رسامة حقيقية.
لاحقًا، قُبِلت في جامعة الشرقية، وبدأت أقدّم عروضًا صفية أُعرّف فيها بأعمالي الفنية، وواصلت التدريب في المنزل رغم قلة الدعم، إلى أن أصبحت عضوًا في (مرسم الشباب) التابع لوزارة التراث والثقافة، وهناك صقلت موهبتي أكثر، ووجدت دعمًا من والدي وأختي. ومن هنا بدأت مشاركاتي الفنية تتوسع، والحمد لله.
ما أحلامك الفنية وطموحاتك نحو التميز والاحتراف؟
أحلم بأن أكون فنانة معروفة بأسلوبي الخاص في الرسم، وأن تكون أعمالي مميزة لدرجة أن يتعرف الناس عليها من النظرة الأولى. كما أطمح لأن أكون من بين الفنانين الكبار وأكون منافسة قوية في ساحة الفن.
ما أهمية الدعم والتدريب في تطوير المواهب الفنية؟
صقل وتعزيز المواهب الشابة يتطلب فتح المجال أمامهم وتوفير الفرص المناسبة، سواء بدعم الأسرة أم مؤسسات المجتمع المختلفة. كما أن تنظيم ورش العمل والفعاليات بشكل مستمر يساعد الشباب على اكتشاف ميولهم وتنمية مهاراتهم، مع توجيههم لاستثمار مواهبهم بالشكل الذي يخدم أنفسهم ومجتمعهم.
ولله الحمد، كنت حريصة طوال مسيرتي الفنية على استغلال هذه الفرص، إذ شاركت في العديد من الورش الفنية التي كان لها دور كبير في تطوير مهاراتي، مثل ورشة “صور (لقطة)” في جامعة الشرقية عام 2016، وورشة “حروفيات” في مرسم الشباب بصحار عام 2018، ورشة “أساسيات تشكيلات الرسم والحروف الواقعية” مع الفنان أنور سونيا عام 2019، إضافة إلى ورشة “الكروشيه” في كلية الزهراء بنفس العام، وورشة “الفن الجرافيكي الحديث” مع الفنان يوسف الغملاسي عام 2023، وأخيرًا المشاركة في فعاليات الملتقى الأدبي والفني السابع والعشرين بولاية صور عام 2024، التي أسهمت جميعها في صقل موهبتي وتعزيز خبرتي في مجالات فنية متنوعة.
ما دور المنصات الرقمية في تطوير المهارات الفنية؟
تلعب مواقع التواصل دورًا كبيرًا، بالمؤسسات تنشر إعلانات عن ورش تدريبية ومبادرات فنية يمكن للفرد الاستفادة منها. أنا مثلًا أستخدم تطبيق “Pinterest” للحصول على أفكار، ولكن أعيد صياغتها بطريقتي الخاصة لأتجنب التشابه أو السرقة الفنية. كما أنني أستفيد من YouTube في التعلم خطوة بخطوة. هذه الأدوات تساعد في تطوير وصقل المهارات بشكل كبير.
قدّري لنا قيمة التوازن بين الدراسة وشغف الفن؟
أحمل معي دائمًا “سكتش” صغير في حقيبتي، وأرسم في أوقات الفراغ. الموازنة مهمة بين الدراسة والموهبة؛ لأن التركيز على جانب واحد فقط يسبب الملل. التوازن هو سر النجاح في كليهما.
ما أبرز المشاركات الطلابية ومسيرة الإنجازات الفنية في سيرتك؟
كنت نشطة جدًا في المجتمع الدراسي، حريصة على المشاركة في مختلف الفعاليات والورش الفنية دون تردد، مؤمنة بأن كل مشاركة مهما كانت بسيطة تفتح لي أبوابًا جديدة نحو تحقيق أحلامي. من هذه المشاركات، استطعت اكتساب مهارات متنوعة وتوسيع خبرتي الفنية، إذ أعدُّ كل تجربة خطوة إضافية في مسيرتي.
ولله الحمد، أثمرت مشاركاتي في تحقيق العديد من الإنجازات التي أعتز بها، منها الحصول على شهادة شكر من مسابقة نادي عمان لإبداع الشباب في عام 2017، وشهادة أخرى من مسابقة نادي صحار في عام 2018، بالإضافة إلى فوزي بالمركز الثاني في مسابقة نادي مجيس عام 2020. كان لي شرف المشاركة في تنظيم فعاليات اليوم الوطني الـ 48 في عام 2018، والمشاركة في الأسبوع الثقافي عام 2019، إلى جانب مشاركتي في معارض فنية عدة مثل معرض "لوحات نوفمبر" عام 2020، ومعرض "فلسطين" في الكلية العلمية للتصميم عام 2023، التي كانت بمثابة محطات مهمة أسهمت في صقل شخصيتي الفنية وتعزيز ثقتي بنفسي.
ما أهمية البداية الواعدة مع دعم المواهب في جامعة نزوى؟
أنا طالبة جديدة في جامعة نزوى، ولم أشارك بعد في فعالياتها، لكن يوجد من يشجعني دائمًا، مثل الأستاذ سعود من وحدة الإعلام، وأنا مؤمنة بأنني سأنسجم وأستفيد من الأنشطة القادمة. نصيحتي أن يستمروا في دعم الطلبة فنياً، وتوفير منصات لهم يعرضوا مواهبهم وينمّوها.