جامعة نزوى ... مسيرة تترجم رؤية وطن
كان شهر يونيو 2025 استثنائيًا، إذ حمل في طياته نجاحات جديدة أُضيفت إلى سجل جامعة نزوى الحافل بالإنجازات المشرفة. فقد عكست المعطيات والنتائج التي حققتها الجامعة في عدد من المؤشرات الأكاديمية مكانتها الراسخة، وعززت حضورها المحلي والدولي.
أربعة استحقاقات رئيسة كانت كفيلة بأن تضع الجامعة في صدارة المشهد الأكاديمي، إذ تبوأت مكانة متقدمة ضمن قائمة أفضل الجامعات عالميًا، فقد صنفتها مؤسسة QS العالمية ضمن فئة أفضل 700 جامعة في العالم لعام 2026 (الفئة: 671–770)، متفوقة على العديد من الجامعات الدولية. كذلك تصدرت المؤسسات الأكاديمية في سلطنة عمان بحسب نتائج مؤشر Nature Index لعام 2024، إذ حصلت على المرتبة الأولى بمعدل بلغ 4.10، محققةً بذلك نموًا بنسبة 38%.
وشهد الشهر ذاته تجديد عقد "كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج" في جامعة نزوى من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مدة أربع سنوات إضافية. وقد حمل الكرسي في نسخته الجديدة اسما يعكس التوسع في آفاق البحث والمعرفة: "كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج وعِلم المياه الاجتماعي".
أما آخر بشائر هذا الشهر المميز، فتمثلت بحصول برنامج بكالوريوس الصيدلة بكلية العلوم الصحية على الاعتماد الدولي من مجلس اعتماد التعليم الصيدلي (ACPE)، ومقره الولايات المتحدة الأمريكية؛ لتصبح جامعة نزوى أول جامعة في السلطنة تحصل على هذا الاعتماد المرموق.
كل هذه الإنجازات، وما سبقها من نجاحات، لم تكن وليدة المصادفة، بل نتاج جهد كبير وتخطيط متواصل لترجمة رؤية الجامعة، وتعزيز حضورها على الساحتين المحلية والدولية، وفي طليعة تلك الرؤية: رفع اسم سلطنة عمان عاليا، وتحقيقا لمستهدفات رؤية عُمان 2040، وترسيخ موقعها في المؤشرات والتصنيفات العالمية، وهو ما تحرص عليه الجامعة وتعمل على تحقيقه من طريق برامجها الأكاديمية وأنشطتها البحثية المتعددة.
إن مواصلة تطوير الجامعة ورفع تصنيفها في المؤشرات الدولية يتطلب جهدًا مضاعفًا في المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل التنافس العالمي المتزايد بين الجامعات. وهو ما يستدعي تخطيطًا استراتيجيًا دقيقًا، والتزامًا بمعايير تلك التصنيفات، والعمل على تحقيق متطلباتها ـ وتعمل الجامعة ممثلة في عمادة التخطيط وإدارة الجودة على ترجمة هذا التوجه إلى واقع ملموس في مختلف كلياتها ومراكزها البحثية، عبر منظومة عمل متكاملة ومتجانسة، تهدف إلى تعزيز أداء الجامعة ورفع كفاءتها، لتكون أكثر قدرة على التفاعل مع متغيرات العصر، ومواكبة للتطورات الأكاديمية؛ باستحداث وتحديث البرامج والتخصصات، وتطوير الإمكانات المادية والبشرية، رغم ما يتطلبه ذلك من موارد كبيرة. وهو ما تواصل الجامعة الاستثمار فيه بإيمان راسخ بدوره المحوري في تحقيق أهدافها.
تدرك جامعة نزوى تمامًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها في ظل هذه المنافسات الأكاديمية العالمية المتسارعة، وتعي أن المحافظة على المكانة التي حققتها والارتقاء بها يتطلب تفكيرا استثنائيا يتجاوز النماذج التقليدية في الإدارة الأكاديمية. ومن هذا المنطلق، تواصل الجامعة تبني استراتيجيات تطويرية وخطط مستقبلية تواكب التوجهات العالمية في التعليم العالي، سواء باستحداث برامج أكاديمية متقدمة، أم تطوير البنية البحثية، أم الاستثمار في الكفاءات الوطنية المؤهلة.
إن النجاحات التي تحققت لم تكن غاية بحد ذاتها، بل دافعًا لمزيد من العمل النوعي الذي يرسّخ حضور الجامعة في المشهدين المحلي والدولي، ويخدم في الوقت نفسه مستهدفات رؤيتها التوسعية، ويعكس التزامها العميق بمضامين رؤية عمان 2040، خصوصًا في ما يتعلق بمحور التعليم والبحث العلمي والابتكار.
وفي هذا السياق، تتقاطع جهود جامعة نزوى مع جهود المؤسسات التعليمية والوطنية الأخرى التي وجدت هي أيضا موطئ قدم راسخ لها في مؤشرات التصنيف العالمية. وهو ما يشير بوضوح إلى التحول الإيجابي الذي يشهده قطاع التعليم العالي في سلطنة عمان، وقدرته على المنافسة وفرض حضوره في الساحات الدولية بفضل الدعم الكبير الذي يحظى به من الدولة، والعمل المخلص الذي تقوده المؤسسات الأكاديمية.
وبينما تتطلع الجامعة إلى المستقبل، فإنها تجدد التزامها بأن تكون نموذجا وطنيا ملهما في الابتكار والتميّز، ومسهمًا فاعلا في بناء مجتمع المعرفة، وصورة مشرقة لنهضة علمية وطنية متجددة.