السنة 20 العدد 190
2025/06/24

هناك سماء تنتظر أن تلمسوها ...

من زحام المحاضرات إلى زخم الحياة ... زينب ترسم خطواتها بأحرف من ذهب

 

حاورتها: إيمان بنت عيسى العبرية

زينب حسين… شغف لا يخبو، وأحلام لا تنكسر، وطاقة تنبض بالتفاؤل، وثقة تمضي بها نحو كل تحدٍ بابتسامة واثقة. ترى في كل نفق مظلم بصيص نور، وفي كل عثرة خطوة إلى الأمام.

تخرجت زينب في كلية الصيدلة بجامعة نزوى، ولا تزال تفيض بذلك العنفوان والعفوية اللذين دخلت بهما أسوار الجامعة؛ لكنها اليوم أكثر نضجًا، أعمق وعيًا، وأوضح رؤية. في هذا اللقاء عبر منصة "إشراقة"، شاركتنا زينب رحلتها بين مقاعد الجامعة وبعد التخرج.

تقول في مستهل حديثها:

"أنهيت درجة البكالوريوس في الصيدلة، وما زلت أبحث عن فرصة عمل تناسب طموحاتي. أدرس سوق العمل بعناية، وفي الوقت نفسه أعمل على تطوير ذاتي ومهاراتي لأكون على أتمّ استعداد للفرصة المناسبة. لا زلت أذكر بداياتي في الجامعة؛ كانت لحظات مليئة بالحماس والاكتشاف. بين تكوين الصداقات الجديدة، والاستماع إلى نصائح الزملاء الأكبر، والرغبة في تجربة كل شيء دفعة واحدة!".

وعن مواقفها التي لا تُنسى، تروي زينب بابتسامة يرافقها حنين:

"من المواقف التي حفرت في ذاكرتي، أول يوم لي في سكن الجامعة. كنت مصدومة… شعور غريب أن أكون فجأة مسؤولة عن وقتي وواجباتي وحدي. بكيت يومها وقلت لأمي: أريد العودة معكِ، لا أستطيع فعل ذلك بمفردي. مشاركة الغرفة مع أشخاص لا أعرفهم كان أمراً مخيفاً؛ لكن مع الوقت، اكتشفت في نفسي قدرة لم أكن أعرفها على الاستقلالية".

ثم تتابع ضاحكة، مستذكرة موقفاً آخر:

"في أول فصل دراسي، وصلت إلى نهائيات مسابقة الشطرنج، وكان ذلك تزامنًا مع أسبوع مزدحم بالامتحانات. بعد يوم طويل من المحاضرات، هرعت إلى المسابقة رغم الإرهاق، وبينما كنت متجهة إلى القاعة، باغتني مطر غزير مصحوب برياح شديدة جعلت باب القاعة يُطبق على يدي! لم أتمالك نفسي، انفجرت بالبكاء، ليس فقط من الألم بل من الضغط النفسي. لكنني لم أستسلم؛ بل دخلت المنافسة، وحققت المركز الثالث! عدت إلى السكن دون أن أحتفل، فامتحانات الغد بانتظاري. كان يومًا مؤلمًا؛ لكنه مشبع بالإنجاز، بل واستمتعت بالمطر رغم كل شيء!".

وحين سألناها عن المشاعر التي صاحبت أعوام الدراسة، أجابت بكل دفء:

"كانت أيامي مزيجًا من المشاعر… سعادة، تعب، حماسة، توتر؛ لكن أكثر ما أحببته تلك اللحظات البسيطة مع صديقاتي: نتمشى في الحرم الجامعي، نشتري الكرك والذرة، وندخل في أحاديث عميقة عن كل شيء. لحظات صغيرة لكنها تملأ القلب بالحب والانتماء. تعلمت أن الأسرة لا تكون فقط من نولد بينهم، بل من نختارهم ونصنع معهم ذكرياتنا".

ثم انتقل الحديث إلى لحظة التخرج، فقالت بعينين تلمعان بالشوق:

"مشاعري يوم التخرج لا تُوصف… ما زلت أعود إلى صور الحفل، إلى تلك اللحظة التي حملت فيها شهادتي، شعور الفخر والفرح يراودني كل مرة. كان يومًا استثنائيًا لا يشبه أي يوم آخر".

وفي ختام الحوار، سألناها عن حياتها بعد التخرج، فنصحت بصدق نابع من تجربة:

"ما بعد التخرج لم يكن مثلما توقعت، كان صادمًا. شعرت بأننا لم نُعدّ له كما ينبغي، لا أحد يخبرك بما سيحدث، كيف تبدأ، أو ماذا تفعل. شعرت ببعض الضياع؛ لكني في المقابل شعرت بالمسؤولية أيضًا. خرجت من دفء الجامعة إلى اتساع العالم، وعليّ أن أخطو بثقة، وأتعلم من تعثراتي".

وتختتم حديثها بنصيحة صادقة:

"لا تسمحوا لأحكام الآخرين أن تقيّدكم أو تمنعكم من التعبير عن ذاتكم. لا تخافوا من التحليق ولا تقولوا (مستحيل)… فحين تشتعل الإرادة في داخلكم، لا شيء يقف في طريقكم. دائمًا هناك سماء تنتظر أن تلمسوها.

 

إرسال تعليق عن هذه المقالة