السنة 20 العدد 190
2025/06/22

يؤكد الدور العلمي الذي تضطلع به جامعة نزوى في توثيق المعارف التقليدية وإدارتها المستدامة 

اليونسكو تجدد كرسي دراسات الأفلاج بجامعة نزوى باسم: "كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج وعلم المياه الاجتماعي"

 

عبدالله الغافري:

التجديد يمثل نقلة نوعية في مسيرة الكرسي واستجابة للتوجّهات العلمية العالمية نحو "علم المياه الاجتماعي"

جامعة نزوى تقوم بدور محوري في دعم المشروع بتوفير التمويل الأساس والاحتضان الأكاديمي واللوجستي



 

جدّدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عقد كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج بجامعة نزوى مدة أربع سنوات؛ ليحمل في نسخته الجديدة اسمًا يعكس التوسع في مجالات البحث والمعرفة، وهو: كرسي اليونسكو لدراسات الأفلاج وعلم المياه الاجتماعي.

 

ويأتي هذا التجديد ليؤكد الدور العلمي الذي تضطلع به جامعة نزوى في توثيق المعارف التقليدية وإدارتها المستدامة، لا سيما ما يتصل بنظام الأفلاج العُماني؛  كونه نظامًا مائيًّا عريقًا يجمع بين الجوانب البيئية والاجتماعية والثقافية.

 

 

وقال المكرم الدكتور عبدالله بن سيف الغافري، أستاذ الكرسي في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: "إن التجديد يمثل نقلة نوعية في مسيرة الكرسي، إذ جاءت التوسعة في المسمى استجابة للتوجهات العلمية العالمية نحو "علم المياه  الاجتماعي"، وهو علم متعدد التخصصات يُعنى بدراسة العلاقة بين المجتمعات البشرية والمياه، ويُسلط الضوء على إدارة المياه، وعدالتها، وسلوك الأفراد والمؤسسات تجاهها، إلى جانب الأبعاد الثقافية والتنموية المرتبطة بها".

 

وأشار بقوله: "الكرسي منذ تدشينه في عام 2021، حقق عددًا من الإنجازات العلمية والأكاديمية، منها: نشر عشرات الأبحاث في مجلات علمية محكّمة، وإدخال مقررات جامعية متخصصة في الأفلاج، إضافة إلى تنفيذ برامج إذاعية ووثائقية، وتقديم استشارات ميدانية للمزارعين ووكلاء الأفلاج". 

 

وبيّن أن الكرسي يُعد الأول من نوعه عالميًّا المتخصص في دراسات نظم المياه التقليدية، وقد استفاد من قاعدة بحثية تأسست في جامعة نزوى منذ عام 2012 عبر "وحدة بحوث الأفلاج" كذلك يحظى بدعم مؤسسي من الجامعة وعدد من الجهات الرسمية والبحثية المحلية والدولية.

 

وأكّد أن جامعة نزوى تقوم بدور محوري في دعم المشروع منذ انطلاقته، من طريق توفير التمويل الأساسي والاحتضان الأكاديمي واللوجستي، إلى جانب دعم وزارات وهيئات حكومية، مثل: وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ووزارة التراث والسياحة، وديوان البلاط السلطاني، والجمعية العُمانية للمياه، وغيرها.

 

وأفاد أن الكرسي يواصل توسيع شبكة التعاون البحثي مع جامعات ومراكز علمية في عدد من الدول، من بينها: اليابان، فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، المغرب، وإيران؛ مما يعزّز حضوره العلمي على المستوى الدولي، ويتيح تبادل المعرفة في أنظمة المياه التقليدية.

 

 

وأشار إلى أن نظام الأفلاج العُماني يلقى اهتمامًا متزايدًا من الباحثين الدوليين؛ لما يتميز به من استدامة طبيعية، وتناغم بين الإنسان والبيئة، مؤكدًا أن الكرسي يسعى ليكون مركزًا دوليًّا متخصصًا في علم المياه التقليدية والاجتماعية.

 

وأكّد المكرم الدكتور عبدالله بن سيف الغافري، أستاذ الكرسي، أهمية مواصلة توثيق إرث الأفلاج، وتوجيه الجهود الأكاديمية لتأصيل الهوية المائية العُمانية، داعيًا إلى إشراك فئة الشباب في حمل هذا الإرث العلمي والحضاري، ومثمنًا جهود الشركاء والداعمين لمسيرة الكرسي في السنوات الماضية.

 

وعن حصاد السنوات الماضية، يعرض المكرم الدكتور الغافري جملة من الإنجازات، منها: نشر أكثر من 30 ورقة علمية في مجلات مصنفة Q1 وQ2، وإدخال مقررات عن الأفلاج باللغة العربية والإنجليزية تجمع بين التراث والهندسة، والإشراف على أطروحات ماجستير ودكتوراة من دول عدة، وإنتاج برامج إذاعية وتلفزيونية أبرزها: الأفلاج حياة وأثر الماء، وشراكات بحثية مع جامعات من أوروبا وآسيا وأمريكا.

 

وقال: "الإنجاز الأهم هو ذلك التفاعل الحقيقي مع المجتمع. حينما نشاهد وكلاء أفلاج أو مزارعين يستخدمون نتائجنا لتطوير عملهم، نشعر بأن للعلم ثمرة مباشرة في حياة الناس".

 

ويوضح المكرم الدكتور الغافري: "المسمى الجديد ليس تغييرًا شكليًا، بل هو توسعة لزاوية الرؤية. نحن الآن نبحث ليس فقط في هندسة الماء، بل في الإنسان الذي يستهلكه، ويُقرّ قوانينه، ويُعبّر عن ثقافته منه، ويؤكد أن علم المياه الاجتماعي يفتح آفاقًا لتناول قضايا مثل: العدالة في توزيع المياه، وحوكمة الموارد المائية، وسلوك المجتمع تجاه المياه، وأثر الثقافة والدين على الاستهلاك المائي، والتعاون الدولي، والأثر العالمي حيث يرتبط كرسي اليونسكو حاليًا باتفاقيات تعاون مع مؤسسات في: فرنسا، ألمانيا، اليابان، إيران، المغرب، تونس، بريطانيا، أمريكا".

 

ويقول الدكتور: "نظام الأفلاج العُماني يُنظر إليه عالميًّا كونه نموذجا للتناغم بين الإنسان والبيئة، ونحن نشارك تجاربنا في مؤتمرات دولية كبرى، كذلك نستقبل باحثين من الخارج لإجراء دراسات ميدانية هنا في سلطنة عمان".

 

وعن موقع الكرسي ضمن منظومة اليونسكو، يوضح: "لدينا مقعد في بعض لجان السياسات المائية التقليدية، وهناك اهتمام متزايد بأن تكون مخرجات الكرسي جزءًا من توصيات الأمم المتحدة بشأن الإدارة المستدامة للمياه".

 

وعن الطموحات المستقبلية، يشير المكرم الدكتور إلى أن هناك خطة لتحويل الكرسي إلى مركز عالمي متخصص، يتضمن: أرشيفا رقميا شاملا للأفلاج، ومعهدا تدريبيا للمهتمين بإدارة المياه التقليدية، وتعزيز التعاون مع المدارس والجامعات، ودعم السياسات الوطنية لحماية نظم المياه التقليدية، كذلك يجري حاليًا العمل على مشروع لتوثيق أنظمة مائية تقليدية في بلدان آسيوية وأفريقية، ما يجعل من الكرسي مركزًا عابرًا للحدود.



إرسال تعليق عن هذه المقالة