كيف شكّلت الطبيعة والجامعة هويته الفنية؟
من الموهبة إلى التميّز: رحلة طالب في عالم الإبداع
لقد أنعم الله جل في علاه على أكرم مخلوقاته وهو الإنسان، وفضله عليها بالنطق والعقل والعلم واعتدال الخلق. وهذا من كرمه سبحانه وتعالى عليهم، وإحسانه بهم، الذي لا يقدر قدره، ولكن هناك صفوة اختصها الله بملكة من الموهبة والتفوق بشكل غير عادي في مجال أو أكثر من مجالات الحياة، وهاهنا الطالب الخطاب الرمحي من تخصص التربية الفنية بجامعة نزوى يروي عبر مجلة إشراقة قصته نحو التميز والطموح عبر موهبته التي وهبها الله له؛ وذلك من طريق مجموعة من التساؤلات التي طرحناها له.
1. عرّفنا بنفسك (شخصيًا وتعليميًا)؟
أنا الخطاب بن أحمد بن حمد الرمحي، من مواليد 11 نوفمبر 2003، من ولاية إزكي، طالب في جامعة نزوى تخصص التربية الفنية. شغفي بالفن ليس مجرد دراسة أكاديمية، بل وسيلة للتعبير عن هويتي، ونافذة أُطلّ منها على ماضي عمان العريق وحاضرها المتجدّد. أطمح إلى أن أكون فنانًا يُسهم في بناء الوعي الثقافي من طريق الفن التشكيلي المرتبط بالتراث والبيئة.
2. متى اكتشفت موهبتك؟ ومن كان وراء ذلك من أشخاص وأحداث؟
بدأت أكتشف موهبتي في السنوات الأولى من دراستي الجامعية، حين بدأت أجرّب الخامات الطبيعية المتوفرة من حولي مثل الحجر وسعف النخيل. رغم بساطة الأدوات في البداية، إلا أنني شعرت بقوة التعبير التي يمكن أن تنبع من هذه الخامات. كان لأسرتي الدور الأساس في دعمي؛ بِتشجيعهم المستمر وتهيئة الظروف المناسبة لي؛ مما ساعدني على مواصلة التعلم والتجربة.
3. حدثنا عن بدايتك مع هذه الموهبة؟ وما الذي جذبك تجاهها؟
جذبني عالم الفن من بوابة البيئة، فقد كنت محاطًا بجمال الجبال والطبيعة الغنية في منطقتي، وهذا ما ألهمني لاستخدام خامات مثل الحجر الطبيعي وسعف النخيل. إحدى أولى أعمالي التي قدّمتها كانت لوحة تجسّد مقابر بات الأثرية في عبري، استخدمت فيها السعف نخيل أو بالاسم المحلي السمة والحجارة المشابه للمقابر الموجودة في عبري لتكوين رؤية فنية حديثة لمعلم تاريخي قديم، ومع إضافة الإضاءة أعطى العمل شيئا من الواقعية وكأنه يجسد في وضح النهار . أما المجسم الثاني فهو برج النهضة في صلالة، وقد صممته بالحجر الطبيعي والإضاءة ليعبّر عن القوة المعمارية المعاصرة للسلطنة. وما جذبني لهذا المجال هو التفاعل بين المادي والمعنوي؛ بين الطبيعة الصلبة التي أستخدمها والفكرة الفنية التي أُحمّلها العمل.
4. ما أهدافك القادمة التي من الممكن أن تنقل موهبتك إلى مكان أعلى؟
هدفي هو تطوير أعمال فنية تحمل هوية عُمانية بعمق، تُظهر تراثنا بلمسة حديثة وجذابة. وأطمح لإنشاء سلسلة من الأعمال تُجسّد معالم عمان الأثرية والمعمارية بطريقة فنية معاصرة، باستخدام خامات البيئة المحلية. كذلك أطمح للمشاركة في معارض خارجية، والتعاون مع جهات مهتمة بالفن والتراث لإنتاج مشاريع فنية تُعرّف العالم بجماليات عمان. وأسعى أيضًا إلى دمج التكنولوجيا بالفن التقليدي لإضفاء بُعد جديد على تجربتي الفنية.
5. برأيك، كيف يمكن صقل وتعزيز ورعاية المواهب الشابة؟
صقل المواهب يتطلب منظومة متكاملة، تبدأ من توفير منصات العرض والدعم الفني، إلى تقديم دورات متخصصة وورش عمل تُنمّي المهارات وتفتح آفاق الإبداع. كذلك، الاستماع للملاحظات من مختصين وفنانين آخرين يُعد جانبًا مهمًا جدًا في تطوير الشخصية الفنية. أضف إلى ذلك إن توفير الخامات والأدوات المناسبة، خاصة في المؤسسات التعليمية، ضروري ليتمكن الطالب من التجريب والإبداع بحرية".
6. كيف يمكن أن يكون لمواقع التواصل الاجتماعي أو المعارض دور في تنمية موهبتك الشابة؟ وكيف ذلك؟
رغم أنني أشارك بعض الأعمال على منصات التواصل، إلا أن المعارض الفنية التي تُقام في الجامعة وخارجها كان لها الدور الأبرز في إبراز موهبتي. وفي أحد المعارض الجامعية، بِيعت لوحة (مقابر بات) في أول يوم من الافتتاح، وهذا أعطاني دفعة قوية وشعور بأن هناك من يقدّر هذا النوع من الفن. وتتيح المعارض للفنان التفاعل مع الجمهور بشكل مباشر، والاستماع إلى ردود الفعل التي تُثري تجربته وتوسّع من مداركه الفنية.
7. كيف وجدت اهتمام جامعة نزوى بالمواهب في أثناء دراستك بها؟ وما نصيحتك لتنمية هذا المجال؟
"جامعة نزوى لها بصمة واضحة في دعم الطلبة الموهوبين من طريق الأنشطة والمعارض التي تُنظمها، وكانت هذه المعارض نافذتي الأولى لعرض أعمالي. لكن هناك مجالات فنية تحتاج إلى مزيد من الاهتمام، خصوصًا تلك التي تعتمد على خامات غير تقليدية أو تتناول مواضيع تراثية. وأنصح بزيادة عدد الورش التدريبية، وتوفير مساحات عمل مجهزة بالخامات والأدوات المتخصصة، حتى يتمكن الطالب من تقديم عمل فني متكامل يعكس إمكانياته.
وفي ختام اللقاء ختم الخطاب كلامه قائلا: "أنا أطمح لإنتاج أعمال فنية تواكب روح العصر من حيث الشكل والتقنية، لكنها لا تنفصل عن جذورها، بل تنسجم مع التراث العماني وتتفاعل معه. أراني في رحلة مستمرة للبحث عن توازن بين الحداثة والأصالة، بين الفن والتاريخ، لأُقدّم أعمالًا تُعبّر عني وتُشبه الأرض التي أنتمي إليها".