المسرح الجامعي في جامعة نزوى: إشعاع ثقافي وتحديات واعدة
باسم بشرى
يُعدُّ المسرح الجامعي أحد أهم الروافد الثقافية والفنية التي تسهم في صقل مواهب الطلبة وتعزيز الحس الإبداعي لديهم. وفي هذا الإطار، تبرز جماعة المسرح والموسيقى التابعة لمركز التميز الطلابي في جامعة نزوى واحدة من أبرز الجماعات الطلابية الفاعلة في الساحة الثقافية العُمانية، إذ قدمت عروضًا مميزة ونالت جوائز محلية ودولية. إلا أن هذا النجاح لا يخلو من بعض التحديات التي تواجه استمرارية وتطور هذا النشاط الفني.
ويمثل المسرح الجامعي في جامعة نزوى منصة حيوية للتعبير عن قضايا المجتمع وهموم الشباب، إذ يقدم عروضًا مسرحية تتنوع بين الكلاسيكية والمعاصرة، وتتناول مواضيع اجتماعية ووطنية وإنسانية؛ إذ يسجل المسرح في جامعة نزوى حضوراً دائما في المحافل المختلفة سواء الوطنية أم الثقافية داخل الجامعة وفي مختلف مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، وتسهم هذه المشاركات في:
- تنمية المهارات الأدائية واللغوية لدى الطلبة.
- تعزيز العمل الجماعي والثقة بالنفس.
- نشر الوعي الثقافي والفني داخل الحرم الجامعي وخارجه.
وقد نجحت جماعة المسرح والموسيقى في تقديم أعمال لاقت استحسان الجمهور، مثل مسرحيات: مسرحية بيت نص المجتمع، ومسرحية تخاريف، ومسرحية حكاية صبية كان اسمها حنين، ومسرحية حكاية الرجل الذي صار كلياً، التي ناقشت قضايا اجتماعية بقالب فني جذاب تنوع بين التراجيدي والكوميدي.
و قد حققت جماعة المسرح والموسيقى في جامعة نزوى عددًا من الإنجازات المشرفة، منها:
**الفوز بجائزة أفضل عرض مسرحي متكامل والعديد من الجوائز الفردية، مثل: أفضل ممثل وأفضل ممثلة وأفضل إخراج في مهرجان الشعانبي الدولي للمسرح المعاصر، ونيل جوائز التمثيل والإخراج في مناسبات عدة، منها مهرجان المسرح الجامعي الثالث بِفاس بالمملكة المغربية، والعديد من الجوائز في مهرجان ظفار لمسرح الشارع.
هذه الإنجازات تعكس الجهود الكبيرة التي يبذلها الطلبة والمشرفون على الجماعة، كذلك تُبرز مكانة جامعة نزوى واحدةً من المؤسسات التعليمية الداعمة للفنون والثقافة وتؤكد المشاركات الدولية لـجماعة المسرح والموسيقى في جامعة نزوى مكانة الجامعة رافدا مهما للفنون والثقافة في السلطنة. هذه المشاركات لم تكن مجرد عروض فنية، بل كانت رسائل ثقافية تعكس عمق الهوية العُمانية وقدرة الشباب العُماني على المنافسة داخلياً وعالميًا.
انعكس ذلك على تنوّع المهرجانات المسرحية المختلفة، فمنها المسرح الجامعي، ومنها المسرح الاحترافي، وكذلك أنواع العروض المسرحية التي قدمت منها مسرح الصالة المتعارف عليه، ومسرح المونودراما ومسرح الشارع، ومن أجل استمرار هذا التميز، تحتاج الجماعة مزيدا من الدعم اللوجستي والتسويقي؛ كي يتم الحصول على الدعم المادي والمعنوي، بالإضافة إلى تبني مشاريع مسرحية طموحة تواكب المعايير الدولية. بهذه الجهود، يمكن للجامعة أن تصبح منارة للمسرح الجامعي، ليس فقط في عُمان، بل في العالم العربي ككل، وهذه رؤية الجماعة، إذ إنه في خطتها القادمة تأمل في تنظيم مهرجان مسرحي جامعي على مستوى عربي، ثم بعد اكتساب الخبرة اللازمة والحصول على التسويق المناسب تستضيف الجامعة مهرجان مسرح جامعي على مستوى دولي.
وعلى الرغم من النجاحات التي حققها المسرح الجامعي في جامعة نزوى، إلا أنه يواجه بعض التحديات، أبرزها:
1. قلة التسويق: يحتاج المسرح الجامعي إلى تسويق احترافي يقوم على نشر الإنجازات المسرحية الجامعة؛ ليُسهم ذلك في تطوير المسرح الجامعي، وكذلك توفير الدعم المالي اللازم لشراء الديكورات والملابس المسرحية، وهو ما يعيق إنتاج عروض ذات جودة عالية.
2. عدم توفر المسرح الفني المُعدُّ بكامل التجهيزات التي تحتاج إليها العروض المسرحية إلى قاعة مزودة بتقنيات صوت وإضاءة متطورة، وهو ما لا يتوفر دائمًا.
3. ضيق الوقت بسبب الالتزامات الأكاديمية: إذ يجد الطلبة صعوبة في التوفيق بين البروفات المسرحية والدراسة؛ مما يؤثر على جودة العروض أحيانًا.
4. قلة الوعي المجتمعي بأهمية المسرح: لا يزال بعض أفراد المجتمع ينظرون إلى الفنون المسرحية على أنها نشاط ثانوي؛ مما يقلل الحماس نحو المشاركة فيها.
وسيظل المسرح الجامعي في جامعة نزوى منارة ثقافية وفنية تستحق الدعم والاهتمام، إذ يلعب دورًا حيويًا في إثراء الحركة الفنية وتنمية مواهب الشباب. ورغم التحديات، فإن الإنجازات التي حققها المسرح الجامعي عاماً ومسرح جامعة نزوى تؤكد أن العزيمة والإبداع قادران على تجاوز العقبات. ولِضمان استمرارية هذا الإشعاع، لا بد من تعزيز الدعمينِ المادي والمعنوي، وتذليل الصعوبات ليكون المسرح الجامعي نموذجًا يُحتذى به في سلطنة عُمان.