النخلة مصدر إلهام جمالي في الفن المعاصر
تجربة (1) اندماج
الفنان والباحث في مجال الفن التشكيلي/ خالد بن يعقوب بن علي السبهاني
محاضر التربية الفنية بجامعة نزوى
1- اندماج 1:
المجال: تصوير+ توليف خامات (mix media)
المقاس: 130*70سم
الخامة: أكريليك على قماش، خامات النخيل الطبيعية
2- اندماج 2:
المجال: تصوير+ توليف خامات (mix media)
المقاس: 130*70سم
الخامة: أكريليك على قماش، خامات النخيل الطبيعية
فكرة التجربة الفنية وفلسفتها:
الطبيعة تمثل البيئة المحيطة بالإنسان، التي خلقها الله بقوانينها الجمالية الطبيعية، وتكتسب معناها بتفاعل الإنسان معها، ويزداد المعنى ويتسع كلما ازداد الإنسان بحثا وتأملا في مختلف مكوناتها المليئة بالصور المتناسقة ذات العلاقات الجمالية الرائعة، ولكن قد لا يلتفت إليها الإنسان، ولا يدركها بمجرد النظر إليها من اللحظة الأولى.
جاءت هذه التجربة الفنية ضمن الدراسة البحثية التي موضوعها "النخلة مصدر إلهام جمالي في الفن المعاصر" وهي تقديم رسالة للمشاهد والمتلقي تدعو إلى التمعن في الطبيعة وخاماتها من طريق التأمل والتفكر في خامات النخيل الطبيعية ومخلَّفاتها، إذ كانت -ولا تزال- تعد مصدرا للكثير من الصناعات والاستخدامات، فقد وظفها الآباء والأجداد في شتى مجالات معيشتهم، في حين بإمكاننا توظيفها اليوم في صناعات كثيرة؛ فهي مصدر عطاء وخير وبركة.
وتُعدُّ هذه الأعمال من المشاهد التي قلما نراها بارزة في حياتنا اليومية، فالكثير منا يعرف النخلة بشكلها الخارجي العام، وأنها تشكل مصدراً أساساً لجني الثمار( الرطب والتمور)، ولكن يفتقد الكثير منا إلى الثقافة البصرية عن النخلة والعلاقات الجمالية الموجودة بين مكوناتها، وهنا حاول الفنان الباحث في هذه التجربة الفنية أن يعيد صياغة بعض المشاهد التفصيلية للنخلة؛ من طريق الدمج والمزج بين مجالات الرسم والتصوير وتوليف خامات النخلة الطبيعية؛ لتظهر في سياق فني ذي علاقات جمالية رائعة بأسلوب فني معاصر متفرد. والتجربة الفنية هذه تقدم أيضا دعوة للمتلقي؛ لإثارة إدراكه البصري بتقريب زوايا الرؤية في أجزاء النخلة وخاماتها واكتشاف العلاقات الإنشائية الجمالية فيها، المتمثلة في الأشكال والألوان والملمس.
وصف الأعمال الفنية:
جاءت هذه الأعمال بتشكيلة مركبة من أجزاء، فالجزء الأساس هو عبارة عن لوحة تصويرية مرسومة ذات تكوين لزاوية مقربة تُظهر مشهد العناصر الداخلية للنخلة، وهو ما يسمى محليا: (غدر النخلة)، ويشتمل على مجموعة من العناصر تُعرف محليا بالأسماء الآتية: شماريخ الثمار، والزور، وطلع النخيل، والليف، والخشاش (التمر الجاف قبل النضج) والخوص (السعف) والشوك.
وتشكل الأجزاء الأخرى إضافة جميلة للأعمال، وهي عبارة عن خامات النخيل الطبيعية المتمثلة في: (الكرب والزور والطلع )، إذ تظهر في تشكيل مركب تُكمل التكوين التصويري المرسوم، مع إضافة حبال الليف المنتَجة من ليف النخيل تلتف على عناصر النخيل في الجزء الأساس المصور والأجزاء الطبيعية لتربط التكوين الفني ببعضه ككلٍ واحدٍ؛ وتعطي إحساساً للمشاهد باندماج العمل وتكامله.
القراءة الفنية للأعمال:
تظهر جمالية أعمال هذه التجربة من طريق زاويا التكوين التي التقطها الفنان الباحث وترجمها تصويريا، وبإمعان النظر في العمل الواحد نجد أن العين تتنقل بسلاسة وأريحية بين عناصره، سواء كانت أشكالاً أم خطوطاً أم ألواناً أم ملمساً، تغوص تارة في العمق وتارة أخرى تطفو على السطح نتيجة ما يحدثه البعد الثالث عبر عنصر: الغائر والبارز، كما أن حركة العناصر واتجاهاتها تجعل العين في حيوية مستمرة ودائمة. وقد تم التأكيد على الدرجات الواقعية لألوان العناصر وإبرازها في العمل الأول (اندماج 1) ثم تغيير الألوان الواقعية كتجربة فنية أخرى في العمل الثاني (اندماج 2)، ومن هذه الأعمال تم إبراز مناطق الإضاءة والظلال للتأكيد على جمالية الطبيعة إذا ما تمعنا فيها ولمسناها بعين البصيرة.
وما يزيد من جمالية الأعمال الجمع بين الأجزاء المرسومة والأجزاء الواقعية (خامات النخيل الطبيعية)؛ لتكوين علاقات منسجمة ذات انسيابية جميلة بين عناصر العمل، فعلى الرغم من بساطة التكوين إلا أن الفنان حاول أن تكون هذه التشكيلات جاذبة للعين ومريحة للنفس؛ بالتأكيد على التدرجات اللونية المنسجمة التي تنسجم مع الأجزاء المضافة من طريق حركة الحبال في التكوين ومرورها داخل التكوين وخارجه. وهنا يأتي دور الفنان في إنشاء العلاقات التكوينية التي تثير الانتباه وتستدعيه، بالإضافة إلى التأكيد على جمالية الخامات الطبيعية عندما يتم توظيفها بعلاقات جمالية باستخدام معالجات فنية بأساليب وتقنيات فنية معاصرة.
ستظلُّ النخلة وتبقى مصدر جمال خصب يستطيع الفنان العماني أن يستلهم منها الكثير من الأعمال الفنية ذات العلاقات التكوينية والقيم الجمالية بأساليب فنية متجددة ومعاصرة.